البطالة وعبثية التمدرس ؟!


البطالة وعبثية التمدرس ؟!

بمجال قروي فقير، وفي طريقي إلى المدرسة بإحدى سيارات"الترانزيت" المهترئة، حيث كنا
مكدسين كالغنم مدرسين وفلاحين، قال أحد القرويين، وكأنه يزف خبرا غريبا:"هل سمعتم
بالمعطلين الذين
أحرقوا أنفسهم؟" قال آخر:" يا لطيف يا لطيف هذه هي القراية! بقاو حياتهم
تيقراو ووالديهم تيخسرو دم جوفهم وفالتالي يحرقو الولاد راسهم والله لا قريت لا ولد ولا
بنت".وقال آخر:" هذه هي الفضيحة والمسؤولية شي تيحرك وشي تيتحرق وشي تيتفطح
بفلوس الشعب ما عندو غراض!" مثل هذه الأحاديث عن البطالة وعبثية التمدرس وانسداد
الافاق أمام الشباب أصبحت حديث الناس اليومي في قرانا ومدننا،بين الكبار والشباب وحتى
الأطفال؛ إذ يمكنك أن تسمع:" انظر فلان أو فلانة ماذا استفاذوا من شواهدهم؟! انظر حتى
الدكاترة معطلين، وما تبقى من عمرهم يقضونه في الاعتصامات والإضرابات عن الطعام أو
تيزيدهم العصا من الفوق". ويقول لك أو لوالديه آخر:" لماذا أدرس و أكد وأجتهد وفي
الأخير أجد نفسي في الشارع معطلا، وهاهم المدرسون والموظفون الصغار، موظفين يا
حسرة وبأجرتهم ويعانون كباقي العاطلين والكادحين"...مثل هذه الأقوال والتمثلات عن عدم
جدوى التمدرس والمدرسة تصيب في الصميم أي مواطن حقيقي غيور على وطنه ومستقبل
أبنائه وبناته. فمن يقنع مثل هؤلاء بأن"العلم نور والجهل عار" و"من جد وجد ومن زرع
حصد" وبأن"العلم هو مفتاح النجاح والتقدم" وغبرها من الشعارات الجميلة؟من يقنعهم بان
ليس الكل لا يجد عملا وبان الافاق لا زالت مفتوحة؟ من يقنع هؤلاء بأن الدولة تبدل
مجهودات لإصلاح المدرسة وتنمية المجتمع؟ إن المواطنين يريدون ضمانات حقيقية حلولا
ملموسة وآنية لمشاكلهم ومشاكل أبنائهم،وأولى أولوياتهم الشغل والكرامة،ليؤمنون بجدوى
تضحياتهم واجتهادا تهم، سوا ء في التمدرس أو العمل.إننا لازلنا في المغرب في حاجة
ماسة إلى دولة الرعاية الإجتماعيةوالتضامن الوطني، وليس إلى استنساخ النموذج
الرأسمالي-الليبرالي للدولة الغربية،والدفع بالمجتمع إلى الخوصصة وغابة القطاع الخاص
المبني عل قيم التنافسية الحادة والربح التجاري المحض؛ فالمجتمعات الغربية اقتصاديتها
قوية ودخلها القومي والفردي جد مرتفع، والفرد قادر على مجابهة حاجياته الخدماتية
والاجتماعية بدون مشاكل؛ أما نحن فاقتصادنا لا زل ضعيفا، وقطاعنا الخاص لا زال هشا
ومعظم مواطنينا لا زالوا يعانون من الفقرو الأمية والتخلف بمختلف أشكاله، وفي حاجة
ماسة إلى دولة التضامن الوطني من اجل ضمان وتقوية الخدمات الاجتماعية والعمومية في
التمدرس والشغل والصحة والسكن...
إننا مسئولون،دولة ومجتمعا، على إعادة الاعتباروالجدوى لدور المدرسة في التكوين
والتثقيف والتأهيل والتنميةالبشرية والمجتمعية الشاملة، وعلى تحسين صورة
المدرسة، وإبراز دورها الحسم والاستراتيجي في حياة الأفراد و وتقدم وازدهار المجتمع.
ولإعادة الاعتبارللتمدرس و للمدرسة، وتصلح المجتمع مع المدرسة، يجب اعتماد سياسة
وطنية أكثر سرعة وفعالية لحل المشاكل المتراكمة للعاطلين، وربط المدرسة باستراتيجيات
التتشغيل و الإنتاجية، وذلك بتأهيل البنيات الجتماعية والاقتصادية المستقبلة.أكيد كل ذلك
سيكون له دور إيجابي وحاسم في إعادة الثقة لليائسين من لا جدوى وعبثية التمدرس.

*محمد الصدوقي/المغرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التدريس بالكفايات من منظور كزافيي روجرز

التوالد عند الكائنات الحية والوراثة عند الإنسان

درس التغدية عند الكائنات الحية بالفرنسية اولى اعدادي لمادة علوم الحياة و الارض